آخر المستجدات :

آخر المستجدات

الأحد، 9 أبريل 2017

بنود مـسـطـــرة الـمـصــالـحة البـحــريــة

الفصل 54 الجزء العاشر (المصالحة) من القانون المنظم للصيد البحري المغربي
 
{ يمارس حق المصالحة :
1) ــ مندوب الصيد البحري إذا كانت العقوبات المحكوم بها أو المقررة بما فيها التعويضات المدنية تقل عن 3000 درهم أو تعادلها .
 
2) ــ مدير البحرية التجارية والصيد البحري إذا كانت العقوبات تتجاوز 3000 درهم وتقل عن 10000 درهم أو تعادلها؛
{ 3) ــ الوزير المكلف بالصيد البحري إذا كانت العقوبات المذكورة تتجاوز 10000 درهم

 
موازاة مع المجهودات المبذولة لتحديث القضاء على الصعيد الوطني، من خلال تحديث الإدارة القضائية، والتعميم التدريجي للمعلوميات، وإحداث المحاكم المتخصّصة، وتوجيه عناية خاصّة بالتكوين وإعادة التكوين، وفي هذا السياق فُتحت عدّة أوراش من أجل تحديث القضاء المغربي، والحدّ من ظاهرة البطء الذي يعرفه سير القضايا وتعقيد المساطر، والتعسّف في إستعمال الضمانات وحقوق الدفاع، والتقاضي بسوء نية، وتعدّد أوجه الطعن، وإرتفاع التكلفة، ومجموعة من النواقص القانونية، التي لم تزدد معها فكرة إدخال أو إعتماد وسائل بديلة، لحلّ المنازعات سوى ترسيخا، وأصبح اللجوء إلى هذه الوسائل البديلة مطلبا ملحّا، لما تتميّز به من مرونة وما تحقّقه من فعّالية .
 ومن بين هذه الوسائل البديلة التي تبنّاها المشرّع المغربي، وأثبتت نجاعتها على أرض الواقع، نجد مسطرة المصالحة البحرية، وهي آلية قانونية خاصّة استقلّت بها فئة البحّارة عن غيرها من الفئات المأجورة، وهي مسطرة إلزامية أحالها عليها المشرع المغربي، من خلال الفصل 205 مكرّر من قانون التجارة البحرية، وهي تختلف عن مسطرة الصلح التمهيدي، الذي جاءت به مدونة الشغل في إطار الفصل 41 و532، وبالرجوع إلى النصّ القانوني يلاحظ أن المشرّع المغربي، إستعمل لفظ المصالحة ولم يستعمل لفظ الصلح أوالتصالح، المنصوص عليهما في مدونة الشغل، كما نؤكّد أنه في نزاعات الشغل البحري الفردية، إستعمل المشرّع لفظ المصالحة إلّا أنّ المحضر المنجز نتيجة هذه المسطرة، يسمّى محضر الصلح أو عدم الصلح  حسب الأحوال .
على العموم فإنّ المصالحة البحرية هي إجراء مسطري، تقوم به السلطة البحرية المختصّة لحلّ نزاع قائم بين المجهّز و البحارة باستثناء الربان، وذلك بناء على طلب من أحد الأطراف، لكنّ السؤال الذي فرض نفسه بحدّة، هو تحديد مدى إلزامية اللجوء إلى مسطرة المصالحة البحرية، بمعنى هل يمكن للبحارة اللجوء مباشرة إلى القضاء، كما هو الحال بالنسبة للأجير في إطار الصلح التمهيدي ؟
يمكن التأكيد أنّ هذه المسطرة هي مسطرة إلزامية، ويتعيّن على المحكمة أن ترفض أي طلب، لم يستوف هذه المسطرة قبل الحكم بعدم القبول، وذلك ما أكدّه العمل القضائي الصادر في هذا الشأن، كما أنّ المحضر المحرّر من طرف السلطة البحرية، يعتبر إذنا بالتقاضي يسمح للبحارة برفع دعواهم أمام القضاء، لكن كيف يتم تحريك هذه المسطرة على مستوى الممارسة العملية ؟
تتلخّص هذه الإجراءات في ضرورة تقديم شكاية إلى السلطة البحرية المختصة، بعد ذلك يتم إستدعاء الطرفين عن طريق توجيه استدعاء إداري، معتمدا في ذلك على القوانين الجاري بها العمل، وشروط التعاقد و ما تمليه الأعراف المهنية، ويمكن لهذه المسطرة حسب الظروف أن تتّخد مسلكين مختلفين :
 
المسلك الأوّل : ويتحدّد في حالة فشل مسطرة المصالحة، حيث يتعيّن على مندوب الصيد، أن يحرّر محضر عدم الصلح، الذي يعتبر إذنا بالتقاضي يسلم للمعني بالأمر، لتمكينه من رفع دعواه أمام القضاء .
أمّا المسلك لثّاني : فيحدّده نجاح سير مسطرة المصالحة، حيث يتمّ تحرير محضر صلح بين الأطراف، ولهذا فإن عقد الصلح المحرّر أمام السلطة البحرية هو عقد رسمي، لأنّه مبرم أمام جهة رسمية مخوّل لها قانونا القيام بهذه المسطرة .
 وكما لا يخفى على أحد فأن الصلح المبرم بكيفية رسمية، يسري أثره على الأطراف المتنازعة، حتى ولو كان الشخص أمّيا، كما ينص على ذلك الفصل 427 من قانون اللإلتزامات والعقود، كما يمكن اقتباس القيمة القانونية لهذه المحاضر من خلال مدونة الشغل، حيث جعل المشرّع المغربي من الاتفاق الذي يتمّ التوصل إليه، في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم الابتدائية، وهو ما جاء في المادة 41 منها .
وعلى مستوى الممارسة العملية، فإن البحار لا يمكنه أن يتقدّم بشكاية جديدة، في موضوع سابق أجريت بخصوصه مسطرة المصالحة، وفي الحالة التي لم يفي فيها المجهّز بالتزاماته، التي تعهّد بها أمام السلطة البحرية والمضمنة في المحضر، يتمّ تحرير محضر عدم الصلح ويرفق بمحضر الصلح، الذي تم التوصل إليه سابقا، وذلك من أجل إحالة النزاع على أنظار السلطة القضائية .
 وبمجرد تحرير هذا المحضر ترفع السلطة البحرية يدها عن النزاع، الذي يصبح من إختصاص المحكمة الابتدائية، وغني عن البيان أن البحارة يخضعون لنفس ما تخضع له باقي الفئات المأجورة، من حيث إجراءات التقاضي سواء على مستوى الدعوى أو التبليغ أو التنفيذ وغير ذلك، إلّا أنّه وكما تعلمون فإن القاضي ملزم بإجراء محاولة التصالح بين الأطراف في بداية الجلسة، كما ينصّ على ذلك الفصل 277 من ق.م.م، ولكن هل القاضي ملزم بإجراء محاولة تصالح أخرى، عملا بمقتضيات الفصل 277 من ق.م.م في نزاعات الشغل البحري ؟ وإجمالا يمكن القول إن الفصل 205 مكرّر من القانون التجاري البحري، إعتبر المصالحة التي تقوم بها السلطة البحرية، بمثابة المحاولة التي يجب إجراءها على يد قاض الصلح، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وعبارة قاضي الصلح هذه إرتبطت بمحاكم الصلح التي أنشأتها سلطات الحماية، ولهذا فالمحكمة الإبتدائية عند نظرها في نزاعات الشغل البحري، تكون غير ملزمة بإجراء محاولة التصالح طبقا للفصل 277 ق.م.م، مادامت هذه المحاولة قد تمّت فعلا أمام السلطة البحرية هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المحكمة الإبتدائية، تعقد جلساتها في القضايا الإجتماعية بقاض منفرد، وبمساعدة كاتب الضبط وذلك خلال المرحلة الإبتدائية، أما في مرحلة الإستئناف سواء تمّت أمام غرفة الإستئنافات بالمحكمة الإبتدائية، أوأمام محاكم الإستئناف فهي تعقد بقضاء جماعي، لكن مع إحداث غرف الإستئناف بالمحاكم الإبتدائية، والتي تختصّ بالنظر في بعض الإستينافات المرفوعة ضدّ الأحكام الصادرة إبتدائيا .
 ممّا يطرح التساؤل حول القضايا الإجتماعية، التي لا تتجاوز قيمتها 20.000 درهم، هل تقبل الطعن بالاستئناف أمام غرفة الاستئناف ؟
والجواب على ذلك هو أنّ المحاكم الابتدائية، تبتّ إبتدائيا في جميع القضايا الإجتماعية، مع حفظ حق الاستئناف، إلّا أنّ الجهة التي تختصّ بالإستئناف تختلف بحسب مبلغ الطلب، يعني أنّه إذا كان أقل من 20.000 درهم انعقد الاختصاص لغرف الإستينافات، أمّا إذا تعدّى ذلك إنعقد الإختصاص لمحكمة الإستئناف . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق